بحث حول ريادة الاعمال

بحث حول ريادة الاعمال 

المقدمة : 

إضافة شرح

منذ بداية عقد تسعينات القرن الماضي أصبح العصر هو عصر رواد الأعمال ، حيث اهتمت المؤسسات التعليمية والمنظمات الحكومية وشركات الأعمال والمجتمع ككل بريادة الأعمال .

 وقد انتشرت أبحاث ودراسات مستفيضة في هذا المجال وكلها تؤكـد على أهمية ريادة الاعمال للاقتصاد الوطني ، حيث تشير تلك الدراسات الى أن الرواد هم العنصر الأول على كافة المستويات الفردية والمؤسسية أو حتى الإقليمية منها والوطنية. 

لا شك أن ريادة الأعمال علم، بل هو العلم الذي ربما يحل محل إدارة الأعمال في المستقبل. وفي المقابل فإن ريادة الأعمال فن أيضًا؛ إذ تجمع بين صفات رائد الأعمال المهمة في النجاح وبين العلوم المعارف المعينة على اتخاذ السبل والطرق السليمة لسلوك طريق النجاح.

وتشير الدراسات الى أن أكثر الاقتصاديات نجاحاً هي تلك التي سوف تسهم ريادة الاعمال فيها المساهمة الأبرز في النمو الاقتصادي عن طريق نشر المعرفة التي ستبقي حبيسة لولا انتشارها تجارياً . ( 1 ) .

تعريف ريادة الأعمال Definition of Entrepreneurship : 

 أصل الكلمة فرنسية وتعني الشخص الذي يُباشر أو يشرع في إنشاء عمل تجاري. وأول من استخدم المصطلح هو رجل الأعمال الفرنسي الشهير جين بابيستيه ، ويرجع تعريف رائد الأعمال إلي العالم الاقتصادي شومبيتر . إذ عرف شومبيتر الريادي بأنه: هو ذلك الشخص الذي لدية الإرادة والقدرة لتحويل فكرة جيدة أو اختراع جديد إلي ابتكار ناجح . ( 2 ) ..

لقد أشارت أدبيات الإدارة إلى ان العديد من نماذج التعريب لمصطلح ريادة الأعمال ولمصطلح رائد الأعمال لا يزال غير محسوم . ومن الترجمات التي اقترحت لهذا المصطلح : المبادرة ، الريادة، المبادأة ، إنشاء المشروع ، العمل الحر. وبالمقابل يوصف الشخص بأنه المبادر ، والرائد ، والمنشئ ، والمخاطر ، والمبدع الإنتاجي والجريء.  

 ويلاحظ انه تم الاتفاق على ترجمة Entrepreneurship  بمعنى ( ريادة الاعمال) وقد وردت عدة تعريفات لهذا المصطلح ،والتي منها : Burch 1986 فقد عرف مصطلح ريادة الاعمال Entrepreneurship  على أنه مجموعة أنشطة تقدم على الاهتمام ، وتوفير الفرص ، وتلبية الحاجات ، والرغبات من خلال الإبداع وإنشاء المنشآت .

أما  Dolling 1995  فقد عرف بأنه عملية خلق منظمة اقتصادية مبدعة من أجل تحقيق الربح أو النمو تحت ظروف المخاطرة وعدم التأكد .

وأشار Barrow 1998 إلى أن الريادة هي (عملية الانتفاع بتشكيلة واسعة من المهارات من أجل تحقيق قيمة مضافة لمجال محدد من مجالات النشاط البشري . وتكون المحصلة لهذا الجهد إما زيادة في الدخل او استقلالية أعلى بالإضافة إلى الإحساس بالفخر  نتيجة الجهد الإبداعي المبذول ). 

وقد عرف Carbonar 1998 انه (( مرتبط بالتخطيط  المحدد لمواجهة مخاطر محسوبة بناء على معرفة السوق والموارد المتاحة وذلك  لتحقيق النجاح المأمول)) . 

نستخلص من التعريفات اعلاه ، أن ريادة الأعمال هي النشاط الذي ينصب على إنشاء مشروع عمل جديد ويقدم فعالية اقتصادية مضافة ، كما انها تعني إدارة الموارد بكفاءة واهلية متميزة لتقديم شيء جديد أو ابتكار نشاط اقتصادي وإداري جديد .

إن ريادة الأعمال بهذا المفهوم تعتبر من الاستراتيجيات الهامة جدا لتحقيق التطور والنمو الاقتصادي في المجتمع .

وعليه فإن تقديم الاهتمام والعناية اللازمة للريادة الأعمال بشكل عام والمنشآت الصغيرة على وجه الخصوص أمر في غاية الأهمية خاصة وأن  العلاقة بين مفهوم ريادة الأعمال Entrepreneurship وشخصية الرائد            Entrepreneurوثقية لعدة اسباب منها على سبيل المثال لا الحصر :

1- إن نجاح ريادة الاعمال يمكن أن يتحقق من خلال أشخاص يملكون صفات وسمات محددة يطلق عليهم المبادرون Entrepreneurs. 

2- إن النجاح في ممارسة العمل الحر لا يقتصر على امتلاك عدد من السمات ، بل يتجاوزه إلى تنمية العديد من المهارات الهامة .

3- ان مشاريع  الريادة من أهم مرتكزات النمو الاقتصادي ، ومن أهم أدوات التوظيف الأمثل للموارد في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية .

وعليه فقد ظهرت العديد من الدراسات  التي تدعو إلى  تبني فكرة تنمية سمات ( المبدع الإنتاجي ) لدى الشباب والعمل على احتضانها من أجل تكوين جيل يساهم بشكل فاعل في الاقتصاد الوطني .  ولاشك أن بناء هذا المفهوم الاجتماعي ودعمه  يتطلب جهدا كبيرا خاصة وأنه يتأثر بالعديد من العوامل . ( 3 ) ..

الفرق بين ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة

يكثر الخلط بين ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة فهناك من يبدأ مشروعاً لمنشأة صغيرة أو ناشئة  ويعتبر نفسه رائد أعمال ، بل أن هناك جهات تقوم برعاية مشاريع صغيرة وتسمي أصحابها رواد أعمال ، وهناك مؤسسات عامة وخاصة تمول مشاريع منشآت صغيرة وتسميها للاسف بمشاريع ريادة الأعمال. 

كما أن هناك من يستخدم في بعض الكتابات مصطلحات ريادة الأعمال لتدل على نفس معنى المنشآت الصغيرة ، في حين أن هناك فرقاً بين المفهومين.

 ولكي نبدأ بالتفريق العلمي فإننا ننطلق من التعريف العربي لريادة الأعمال الذي وضعه احمد الشميمري وآخرون عام 2010 بأن ريادة الأعمال هي "إنشاء مشروع اقتصادي حر يتسم بالإبداع ويتصف بالمخاطرة".

 وبالنظر إلى مكونات هذا التعريف العملي وبحسب ما يراه بيتر دراكر Peter Drucker أحد أهم أساطين الإدارة وريادة الأعمال فإن المفهومين مختلفين بالرغم من وجود كثير من الصفات التي يلتقيان بهما. إلا أن ريادة الأعمال بمفهوها العلمي السليم تتميز بأربعة صفات تجعلها مختلفة عن المنشآت الصغيرة. تتلخص هذه الصفات بما يلي :

1- مقدار خلق الثروات

فالمشروعات الصغيرة تهدف إلى توليد دخل مستمر ومرضي لصاحبه يتجاوز ويكون أفضل من التوظيف التقليدي. أما ريادة الأعمال فتهدف إلى إنشاء ثروة مستمرة ودائمة يتجاوز مداها الأحلام البسيطة إلى بناء الثراء الكبير. وهذا يعني أن رائد الأعمال يتوقع ان يقفز به مشروعه إلى عالم الثروة، ولا يمكن أن ينتج ذلك إلا بأن مشروعه يقدم إضافة مبتكره ذات قيمه تجعل من خلق الثروة ممكناً ومحتملاً.

2- سرعة بناء الثروة

إن المشروعات الصغيرة تبني ثروتها عادة عبر حياة صاحبها وفق وقت زمني طويل، فالمشروع الصغير يبقى عادة مدة طويله وهو على حاله مشروعاً صغيراً، وقد لا يتطور في الظروف العادية في حين أن مشروعات ريادة الأعمال تحقق الثروة الريادية يبنيها رائد الأعمال خلال زمن قياسي في حياته العملية لا تتجاوز عادة خمس إلى عشر سنوات.

3- المخاطرة

المشروعات الصغيرة تنشد الأمان والتقليدية وتبتعد عن المخاطرة إذ أنها ذات تقليد مشابه لكثير من غيرها من المشروعات الصغيرة. أما ريادة الأعمال فتتميز بالمخاطرة العالية ، وهي الثمن الذي يتوقع لرائد الأعمال أن يدفعه مقابل الثراء. وبغير المخاطرة فإن الريادة تزول وتكون مشروعاً صغيراً. 

4- الابتكار والإبداع

ريادة الأعمال تتصف بالابتكار والإبداع وتحويل تلك الأفكار إلى منتجات وخدمات مربحة ، وهي أكثر بكثير مما يمكن أن تتصف به المنشآت الصغيرة. هذا الابتكار والإبداع يحقق لريادة الأعمال الميزة التنافسية المستديمة التي تخلق الثروة. ويمكن أن تظهر تلك الإبداعات والابتكارات بصيغة منتجات جديدة ، أو خدمات ذات قيمة مضافة، أو أساليب إدارية وعملية وتقنية جديدة. 

أما المنشآت الصغيرة فلا تلزم أي ابداع أو ابتكار بل أنها تعتمد على تقليد الأخرين مع شيء بسيط من الإختلاف لا يرقى إلى مستوى الإبتكار والإبداع. ولنا أن نتصور كم من المشروعات الصغيرة سميناها بالخطأ ريادة الأعمال فجنينا على المفهم وهضمنا حق الرواد الحقيقيين. ( 4 ) ...

أهمية ريادة الأعمال

تبرز أهمية مفهوم ريادة الأعمال من كون لها القدرة على إيجاد وخلق سلوك إداري يهدف إلى استثمار الفرص لتحقيق نتائج تفوق قدرات وإمكانات الفرد. فريادة الأعمال تتطلب وجود أشخاص مميزين ومبدعين ومغامرين لديهم القدرة على رؤية الفرص وتقييمها ، مدركين أهمية التغير وقادرين على تحقيقه                                      .

وقد عرّفت جامعة هارفرد بالولايات المتحدة الأمريكية الريادة على أنها . "السعي وراء الفرص دون امتلاك أو التحكم في موارد الانتاج ". 

وتأتي أهمية ريادة الأعمال من خلال :

1-  الإبداع : فهو من أهم أسباب نجاح المشروع ويعتبر أساسه ، فهو الذي يكسبه التميز ويمهد طريقه للنجاح ، ويقوم الإبداع على  الابتكار وخلق الأفكار الجديدة والتغيير والتجربة .

 2- المشاريع الجديدة : وهي بدورها تساهم في تنمية وتطوير ورفع الاقتصاد المحلي من خلال المكاسب المباشرة التي يحققها صاحب المشروع والمكاسب غير المباشرة التي تتحقق في الاقتصاد المحلي ، لذا فإن المشاريع الجديدة هي من أهم المحاور التي يعتمد مفهوم الريادة عليها.

 3- توفير فرص العمل:  يعد توفير فرص العمل وتأمين مصادر الرزق من المساهمات المباشرة التي تحققها ريادة الأعمال حيث تؤدي إلى التقليل من الهموم والعبء الملقى على الأفراد الباحثين عن عمل . ( 5 ) ..

مميـزات ريادة الأعـمال

كل رائد أعمال ناجح يضيف بعض المميزات ليس فقط لنفسه ولكن لحيه ولمنطقته ولبلده ككل . فالمميزات الناتجة عن نشاطات رواد الأعمال كالتالي :

1- التوظيف الذاتي ، يوفر المزيد من فرص العمل التي ترضي وتناسب القوى العاملة.

2- توظيف الآخرين في وظائف غالبا ما تكون أفضل لهم .

3- تطوير المزيد من الصناعات ، خاصة في المناطق الريفية والمناطق التي لم تستفد بالتطورات الاقتصادية على سبيل المثال تأثير العولمة.

4- التشجيع على تصنيع المواد المحلية في صورة منتجات نهائية سواء لاستهلاك المحلي أو للتصدير.

5- زيادة الدخل وزيادة النمو الاقتصادي .

6- المنافسة الشريفة تشجع على خلق منتجات بجودة أعلى .

7- المزيـد من الخدمات والمنتجات .

8- خلق أسواق جـديـدة .

9- التشجيع على استخدام التكنولوجيا الحديثة على مستوى الصناعات الصغيرة لزيادة الإنتاجية .

10- تشجيع على المزيد من الأبحاث والدراسات وتطوير الماكينات والمعدات الحديثة للسوق المحلي. 

11- تطوير مفاهيم صفات ومواقف لريادة الأعمال بين رواد الأعمال الجدد لتحقيق المزيد من التغيرات الملحوظة في تطوير المناطق الريفية.

12- التحرر والاستقلال من الاعتماد على وظائف الآخرين. 

13- القدرة على تحقيق إنجازات عظيمة.

14- تقليل القطاع الاقتصادي الغير رسمي. 

15- تقليل هجرة المواهب بتوفير مناخ محلي جديد لريادة الأعمال. ( 5 ) ..

خصائص رائد الاعمال : 

1- التمتّع بمصداقية عالية ... ما تطلبه من الآخرين هو شيء أنت تلتزم به أساساً ، لا يمكنك أن تطلب المهنية والإحترافية العالية من مُوظفيك بينما أنت أوّل من يُغادر المكتب ويتركهم ، أو تتهرب من مسئولياتك وتُلقي باللائمة على غيرك ، حافظ على مصداقيتك.

2- القـدرة على التخطيط ... من صفات رائد الأعمال الناجح قدرته على التخطيط وتوزيع الأدوار على الآخرين ، حاول أن تستفيد من قدرات الآخرين وتوظيفها لصالح أعمالك.

3- تحمّل النقـد ... درِّب نفسك على تحمّل ما يقوله الآخرون لك ، هذه مهارة عالية ، لا تُحاول أن تنفعل لأيّ نقد ، فطالما تثق بنفسك تحلى بالشجاعة وأخرج أفضل ما لديك.

4- اتخاذ القـرارات الصعـبة ... تحدى الأوضاع المزرية التي تُحيط بك في هذه اللحظة ، فالفشل الذي أنت فيه ليس واقعك الحقيقي وعليك أن تُغيّره ، اتخذ قرارات حاسمة لتخرج إلى النور وانطلق.

5- مستمع جـيّد... تذكر أنّ لديك أُذنين إثنتين لتسمع ضعف ما تتحدث ، كما أنّ الناس يحبون المستمعين الجيدين ، لا تتعجل بالإجابة وتحاشى مقاطعة مُحدثك تكسب ودّهم.

6- لـديه حس إنساني ... المشاعر الإنسانية لغة عالمية لا تقف عند طائفة دون أخرى ، لذلك أحبب الآخرين كما خلقهم الله وأدِم المعروف يدوم لك الودّ ، مدّ يدك لمسكين جائع أو فقير محتاج.

7- منظّم ... من أهمّ السمات التي يتحلى بها رائد الأعمال هي التنظيم ، يومه يبدأ بنظام وينتهي بنظام ، وبينهما أشياء كثيرة لا تخلو من اللعب والإستمتاع بوقت العمل أو مع العائلة.

8- يُحارب الخرافات التي في عـقول الغالبية... من أكثر الأشياء التي تجعل الناس كما هم هو الخوف ، الخوف من المجهول والمستقبل ، الخوف مما سيكون عليه الغد ، الخوف مما سيقوله عنك الآخرون ، لقد قيل سابقاً بأنّ الناس في أوّل 20 سنة يهتمون لما يقوله الآخرون عنهم ، وفي الـ 20 الأخرى لا يُبالون بما يقولونه عنهم ، وفي الـ 20 الثالثة يفهمون أنه لم يكن أحد يهتم لأن يقول عنهم شيء !.

9- يُعـتمد عـليه ... صورة رائد الأعمال كرجل يتحمّل الأخطاء وكقائد يقود سفينة النجاح ، كفيلة بأن تجعله الشخص الذي يُعتمد عليه في إنجاز الأعمال وازدهارها. ( 6 ) ..


مميزات رائد الأعمال الشخصية هي  :

1- رغبته في تحقيق حلمه / هدفه لا يتزحزح مهما طال الوقت كما أن حلمه لا يريد أن يفارقه .

2- لديه الرغبة والقدرة علي خوض المخاطرة لتحقيق حلمه للوصول لهدفه .

3- إهتمامه بتحقيق النجاح لفكرته / لحلمه / لمشروعه أكبر من اهتمامه بتحقيق الربح .لديه درجة عالية من الإبداع والقدرة علي إيجاد حلول للمشاكل التي تواجهه فالعقبات تنهار أمامه ولا ينهار أمام العقبات . 

4- يستطيع اتخاذ قرار المخاطرة برأس المال في سبيل تحقيق فكرة يعتنقها .

5- يتميز بقدرته على إدارة عوامل الإنتاج ويصمم هيكل المشروع .

6- له رؤية مستقبلية لتطوير مشروعه لأنه يريد النمو و التطور دائماً .

7- قادر على تقييم الفرص والبدائل .

8- يتحرك وفق خطة واضحة لكي يحقق أهدافه العملاقة بما يزيد من سرعة نمو الشركة ، ويقلل من التخبط والعشوائية في تطوير منتجاتها وخدماتها .

الخلاصة : رائد الاعمال هو الشخص الذي يستطيع تحويل فكرة / فرصة إلى مشروع والمشروع يوصله إلي النجاح . ( 7 )


العوامل الداعمة لظهور رواد الأعمال في المجتمع : 

1- نظرة المجتمع لرواد الأعمال بوصفهم كأبطال. مثال لذلك (بيل جيتس ، ستيف جوبز ).

2- اهتمام الجامعات بتدريس ريادة الأعمال ، في أمريكا أكثر من ألف وخمسمائة جامعة تدرس ريادة الأعمال.

3- العوامل الاقتصادية والديمغرافية .

4- التطور التكنولوجي " أصبحت التقنية في متناول المشروعات الصغيرة ".

5- الحياة المستقلة.

6- التجارة الإلكترونية  " الانترنت وفر فرص كبيرة لريادة الأعمال ، التحول نحو الاقتصاد الخدمي ".

هذا وقد أولت الدول ريادة الأعمال اهتماماً كبيراً إيماناً بان المشاريع الصغيرة والمتوسطة هي رأس الرمح للصناعة في المستقبل، فقامت بتوجيه المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر إلي فتح آفاق جديدة للعمل خارج الحكومة لمواجهة البطالة، ولإدماج القطاع غير المنظم في عملية التنمية الاقتصادية لرفع الإنتاج. علماً بان المشاريع الصغيرة والمتوسطة توفر 75% من فرص العمل حاليا.

كيف ندعم ريادة الأعمال ؟

هناك العديد من العوامل التي تساعد في انتشار ودعم ريادة الأعمال فكثير من هذه العوامل الريادية تولد مع الفرد وتنمو من خلال صقل موهبته بالرؤيا العلمية والخبرة العملية وضمان القدرات التفاعلية مع التغيرات البيئية". حيث يؤكد تعريف ريادة الأعمال على أن تنمية ثقافته الريادية تتوقف على توفر مجموعة من العوامل المتداخلة مع بعضها على مستوى الفرد والمجتمع. ويمكن إجمال هذه العوامل بالاتي :

1- الطاقة الريادية

2- دور الأسرة

3- الثقافة الريادية

4- التعليم

5- الخبرة

6- الجهات الداعمة

7- إمكانيات البيئة

         أولا: الطاقة الريادية 

إن الطاقة الريادية تشكل عاملاً هاماً على مستوى الفرد لتحقيق مجتمع ريادي وثقافة ريادية حيث انه كلما توفرت السمات والخصائص الريادية لدى الأشخاص كلما ارتفعت احتمالية ريادة الأعمال، أو بمعنى آخر إن التحلي بخصائص رواد الأعمال تشكل عاملاً مهماٍ لبناء ثقافة ريادة الأعمال.

إن توفر هذه السمات يعتبر حاجة ضرورية في العديد من الجوانب المرتبطة بتعزيز ثقافته الريادية، على سبيل المثال الإبداع والجرأة وتحمل المخاطرة من السمات المطلوبة لكل المشاريع الداعمة لريادة الأعمال كالحاضنات ومؤسسات التمويل. وهنا يتأكد أهمية التمييز بين المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال حيث إن لم يتصف المستثمر ببعض الخصائص كالابتكار والإبداع والمخاطرة وقوة التحمل وغيرها فانه يكون مجرد مالك لمشروع صغير.

كما انه إن لم تتوفر هذه السمات لدى أصحاب حاضنات الأعمال فإن هذه الحاضنات تفقد دورها الريادي في دعم انطلاق المشاريع الجديدة. وأيضا قد تفقد شركات تمويل المشاريع الجديدة رياديتها إن لم يتسم القائمين عليها بسمات رواد الأعمال.

     ثانيا : دور الأسرة

أثبتت العديد من الدراسات العلمية تأثير مرحلة الطفولة والنشأة المبكرة على الشخصية، حيث تلعب الأسرة دورا جوهريا في تنمية سمات ريادة الأعمال لدى الأطفال، و يميل رواد الأعمال إلى أن يكونوا أبناء لأباء أو أمهات يمتلكون مشروعات خاصة، كما تلعب الأسرة دورا مهما في وجود الرغبة والمصداقية في مجال ريادة الأعمال كمستقبل مهني.

فقد أشارت هذه الدراسات إلى أن الأسرة تعمل على تشجيع أبنائها على ممارسة السلوكيات الريادية مما يؤكد أهمية دور الإرشاد الأسري في دعم وتنمية سمات ريادة الأعمال، على سبيل المثال الأسرة يمكن أن تشجع أبنائها على بيع بعض المنتجات البسيطة كما يعتاد الطفل في ظل الأسرة التي تمارس العمل الخاص على العديد من المصطلحات والعبارات المرتبطة بالاستثمار كمسار مهني فان الأطفال في هذه البيئة ينشئون ولديهم متطلع ودافعية لإنشاء أعمال خاصة بهم.

     ثالثا: الثقافة الريادية

إن مفهوم الثقافة الريادية هو اتجاه اجتماعي ايجابي نحو المغامرة الشخصية التجارية personal Enterprise يساعد ويدعم النشاط الريادي".كما يرى Batman (1997) أن الاقتصاديات التي شهدت نموا وازدهارا في أواخر القرن العشرين تشترك في تمتعها بثقافة الأعمال Business Cutline وهي الثقافة التي يمكن أن توصف بالثقافة الريادية. 

وتعتبر الثقافة الريادية Entrepreneurial Cutline  من العوامل العملاقة التي تحدد اتجاهات الأفراد نحو مبادرات ريادة الأعمال، حيث أن الثقافة التي تشجع وتقدر السلوكيات الريادية كالمخاطرة والاستقلالية، والانجاز وغيرها تساعد في الترويج لإمكانية حدوث تغيرات وابتكارات جذرية في المجتمع، وبالمقابل فان الثقافات التي تدعم مفاهيم الطاعة والاهتمام الجماعة والرقابة والسيطرة على الأحداث المستقبلية لا نتوقع أن تنتشر منها سلوكيات التحمل والمخاطرة والإبداع أو بمعنى أخر سلوكيات الريادة.وبوضوح أكثر تتطلب الثقافة الريادية تشجيع ممارسة ريادة الأعمال وتحفز المجتمع عبر تعلم مبادئ ريادة الأعمال، وحكومة تدعم العلوم النظرية والتطبيقية وتدعم ريادة الأعمال من خلال سياساتها المحفزة.

  رابعا: التعليم

يمثل التعليم محورا أساسيا في تنمية ريادة الأعمال وتطوير المهارات والسمات العامة لها، ومن حسن الحظ انه يمكن استثمار دور التعليم في تنمية ريادة الأعمال في سن مبكرة قد تصل إلى رياض الأطفال ويمكن أن يمتد هذا الدور ليصل إلى المراحل المتقدمة من التعليم العالي.

في هذه الحالة يجب أن تركز المقررات في تشجيع وتنمية الاستقلالية، الابتكار، المخاطرة، المهنية في العمل، تنظيم الوقت وغيرها من المهارات الهامة. كما أن للتعليم دور هام في بناء المعرفة الخاصة بريادة الأعمال وتدريس المفاهيم العلمية التي تبنى عليها ريادة الأعمال مثل استخدام أسلوب التعليم التطبيقي في التدريس. وقد ذكر روبرت هيسرش ومايكل بيتر 2008م  أن الدراسات أوضحت أن نسبة إمكانية إنشاء مشروع خاص للذين يدرسون ريادة الأعمال تساوي أربعة أضعاف النسبة للذين لا يدرسون ريادة الأعمال. كما أن الدخل المتوقع للذين يدرسون ريادة الأعمال يزيد حوالي 20% إلى 30% عن دخل الذين يدرسون التخصصات الأخرى.

وقد أدركت مؤسسات التعليم العالي أدركت أن ريادة الأعمال يمكن إن تكون تخصصاً يدرس في الجامعات والكليات ففي الولايات المتحدة وحدها أكثر من 1500 جامعة وكلية تقدم مقررات دراسية في ريادة الأعمال.

خامسا: الخبرة

أشارت العديد من الدراسات  الحديثة إلى أن رواد الأعمال الذين يستثمرون في مجال تخصصهم وخبرتهم يتمتعون بدرجة عالية من النجاح حيث أن الكثير من المتقاعدين وخاصة المبتكرين منهم يفضلون إنشاء مشاريع خاصة لهم لتحقيق الاستقلالية واستثمار الخبرات التي تمكنوا من بنائها خلال سنوات العمل الماضية.

سادساً: الجهات الداعمة

نظرا لان ثقافة ريادة الأعمال لا تأتي من فراغ ولكن تنبع من المجتمع الذي تنشا فيه فان المؤسسات العامة والخاصة تلعب جميعا دورا مهما في تنمية ثقافة ريادة الأعمال على سبيل المثال : البرامج الحكومية تمد رواد الأعمال بالدعم المادي، والتدريب، وان تدعم الأنشطة الريادية التي يقومون بها، أيضا يمكن تطوير برامج رعاية مهنية تساهم في تطوير سمات ريادة الأعمال مثل الابتكار. إن صور الدعم التي يمكن أن تبذلها مؤسسات القطاع العام والخاص ويمكن أن تأخذ شكل الدعم المادي والدعم المعنوي.

سابعا: إمكانيات البيئة

المقصود بيئة الاستثمار : الإطار التشريعي والمؤسسي والمناخ الاقتصادي لحاضنة لثقافة ريادة الأعمال ومن أهم هذه العوامل:

1- توفر سياسات الاقتصاد الكلي والجزئي

2- الأنظمة والقوانين

3- البنية التحتية

4- تقنية المعلومات والاتصالات ICT

من العوامل المساعدة على تنمية ريادة الأعمال وضع السياسات الاقتصادية الداعمة. إن الهدف الأساسي من وضع السياسات الكلية  Macroeconomic في الدولة هو تنمية الاستقرار الاقتصادي، ومن أمثلة هذه السياسات: نسبة منخفضة من التضخم، أسعار فائدة منخفضة، ومستوى أسعار تبادل مستقرة. كما أن من أهداف سياسات الاقتصاد الكلي

 تخفيض درجة البيروقراطية التي تواجه إنشاء المشاريع الصغيرة مثل تطوير الأنظمة الضريبية الداعمة للمشاريع الصغيرة. كما أن سهولة الوصول للسوق على درجة عالية من الأهمية، حيث يكمن دور السياسات الكلية في خلق فرص استثمار للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. على سبيل المثال في اليابان الشركات الكبيرة مطالبة نظاما ببناء تحالف استراتيجي مع المنشآت الصغيرة باعتبارهم موردين ومقاولين من الباطن. 

أما على مستوى السياسات الجزئية Microeconomic فإن الهدف منها لتطوير ودعم المنافسة من خلال خلق بيئة استثمارية صحية. حيث يمكن توفير برامج دعم مادية ومعنوية. 

الدعم المادي الملموس يشمل على سبيل المثال التمويل ، والمباني، والمعدات وغيرها.بينما الدعم المعنوي يشمل التعليم ، ومهارات التأسيس وغيرها.

كما أن المشاريع الاستثمارية في حاجة ماسة إلى سن أنظمة وقوانين داعمة ومحفزة ومشجعة مثل الإعفاء الضريبي والإعانات المادية والفنية وغيرها من الأنظمة.

كما أن مشاريع البنية التحتية ضرورية لنجاح ثقافة ريادة الأعمال وخاصة في السوق المحلي مثل المواصلات، والكهرباء، والطرق، والخدمات المساندة. وأخيرا فان توفر المعلومات الحديثة والدقيقة أمر ضروري لدعم بيئة ريادة الأعمال والمساعدة في عملية اتخاذ القرار الاستثماري. 

كما أن ظهور الانترنت وتطبيقاتها أحدثت ثورة في مفهوم مشاريع رواد الأعمال فقد ساهمت أساليب الشراء الإلكترونية الفعالة في فتح أسواقاً كبرى أمام رواد الأعمال. وستسهل الانترنت للمنشآت الصغيرة فرصة تخطي الحدود والانفتاح على أسواق عالمية كبرى، فرائد واحد يمكنه الآن امتلاك مكتب سياحي يمكن أن يبيع للعالم. فطالما أن ذلك المكتب يقدم الخدمة بجودة عالية وكفاءة فلا يهم المستهلك أن تكون شركة كبيرة أو صغيرة. بل قد فتح التجارة الإلكترونية المجال لشركات صغرى أن تنافس الشركات الكبرى في مجالات مختلفة. ( 5 ) ..

فـوائـد ريادة الأعـمال

1- الاستقلالية وعدم الاعتماد على وظائف الآخرين .          

2- فرص للتميز وتحقيق الإنجازات العظيمة .        

3- فرصة لتحقيق أقصى الطموحات .   

4- فرصة لتحقيق الأرباح والمكاسب الضخمة .  

5- فرصة للمساهمة في خدمة المجتمع : تشجيع التصنيع سواء للاستهلاك المحلي أو للتصدير وخلق المزيد من المنتجات والخدمات .  

6- التوظيف الذاتي وخلق فرص وظيفية للآخرين .  

7- زيادة الدخل وزيادة النمو الاقتصادي .      

8- تقليل هجرة الكفاءات من خلال توفير المناخ الملائم لريادة العمال محليا".

التجارب الناجحة في مجال ريادة الاعمال :

اولا : التجربة السعودية في مجال دعم ريادة الاعمال .

يقول البروفيسور أحمد الشميمري ان تاريخ ريادة الأعمال في السعودية لم يسجل بعد ، مؤكدا على اننا  اعتدنا في عالمنا العربي أن نتجاهل المبادرات الفردية والمؤسسية.

 وهذا يقودنا تربوياً إلى فقدان القدوة أو النموذج الاجتماعي. ونتحسس من أن ننسب الأعمال إلى من بدأها. وأذكر أننا قبل 4 سنوات استضفنا في جمعية ريادة الأعمال "كينث موريس" وكان الانجاز الذي يفخر به ويقدم نفسه به في رحلاته العلمية حول العالم أنه أنشأ أول مركز لريادة الأعمال في العالم عام 1964م .

ويؤكد الشميمري الى ان أول مركز ينشأ في المملكة العربية السعودية لريادة الأعمال هو المركز الذي أسسته في جامعة الملك سعود عام 2008م. وطرح المركز أول برنامج حاضنات أعمال متكامل منظم على مستوى المملكة. وتخرج منه 13 مشروعاً. تلا ذلك بعد عام تقريباً قيام حاضنة بادر للتقنية في مدينة الملك عبدالعزيز، وكذلك جمعية ريادة الأعمال، وتم تحويل مراكز المنشآت الصغيرة في المؤسسة العامة لتدريب التقني والمهني إلى المعهد الوطني لريادة الأعمال.  وبعد ذلك أنتشرت المراكز والحاضنات الجامعية العامة والخاصة في المملكة التي تبلغ الآن في عام 2014م أكثر من 30 جهة. 

ويضيف ، اما بالنسبة للدعم الحكومي فهو لا يزال غير منظم بشكل سليم. والمتوقع أن يكون أكبر من ذلك بكثير. والمعول أن تقود الجامعات مشاريع ريادة الأعمال لأن جزءً كبيراً منها يبدأ بالبحث العلمي والابتكار وبناء النموذج التجاري وهو ما يعني تحمل مبالغ قد لا ينشأ عنها مشاريع تجارية نهائية. وبدون هذه الخطوة لن نتقدم في ريادة الاعمال. 

ويؤكد ، ان هرم الوصول إلى مجتمع المعرفة يبدأ بالابتكار ثم يليه ريادة الأعمال ثم الاقتصاد المعرفي املاً في الوصول إلى مجتمع المعرفة فالقفز على المراحل لا يمكن ان يحدث نقلة معرفية مستديمة. 

فأمريكا على سبيل المثال انفقت على البحث والتطوير عام 2013 اكثر من 450 مليار دولار  والصين 300 مليار دولار. وأول الجهات الداعمة التي يجب ان تنفق بسخاء هي الجامعات. ثم تأتي صناديق الشركات الكبرى التي عليها مسئولية كبيرة في دعم ريادة الأعمال.

التجربة اللبنانية لريادة الاعمال :

نظم مصرف لبنان نهار الخميس في 19 كانون الأول 2013، ، ورشة عمل تحت عنوان: "رسملة الشركات الناشئة في إقتصاد المعرفة"، برعاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بمناسبة صدور التعميم رقم 331 المتعلق بالشركات الناشئة (أو الStartups).

إستهلت الورشة بكلمة لحاكم مصرف لبنان، تلاه رئيس جمعية المصارف فرنسوا باسيل، ووزير الإتصالات نقولا صحناوي، ووزير الدولة مروان خيرالدين.

أدارت الورشة مديرة المكتب التنفيذي السيدة مريان حويك، وعرضت برنامج العمل المكون من اربع فقرات كالتالي:

الأولى: يحاور فيها خبراء من مصرف لبنان وهيئة الأسواق المالية لشرح التعميم بشكل مفصل من الناحية القانونية والمالية والإدارية مع التعريف لمفهوم إقتصاد المعرفة وال Knowledge Economy وكيفية تأمين ال Exit Strategies.

الثانية: ينقل من خلالها خبراء من ال Ecosystem خبرتهم في هذا المجال ورؤيتهم حول جانب الإستفادة من التعميم المذكور بأكبر قدر ممكن خصوصا أن ال Financial Platform التي يخلقها هذا التعميم هي بحوالي ال 400 مليون دولار.

الثالثة: وقفة مع شباب أنشأوا Startups ولديهم قصص مميزة في هذا المجال نلتمس من واقعها أهمية التعميم والفرص الذي يؤمنها للشباب ومدى إرتداد نتائجه على الإقتصاد الوطني.

الرابعة: تستعرض شركات قدمت Application Solution Systems لربط العملية online إبتداء من تقديم الطلب على المصرف التجاري لغاية ألحصول على الموافقة من مصرف لبنان بطريقة تسهل العمل بين الStartups والمصارف ومصرف لبنان مع الإشارة الى أن مصرف لبنان يترك كامل الحرية للمصارف في إختيار الشركة التي يرونها أكثر ملاءمة لعملهم.

وقال سلامة في كلمته: "إن مصرف لبنان، ومنذ عامين، بادر بتحويل المتانة النقدية التي تمكن من إنجازها، لخدمة النمو الإقتصادي والإستقرار الإجتماعي.

إن هذا الدور الذي يقوم به مصرف لبنان نشهده في المصارف المركزية في العالم حيث نرى مؤخرا بأن المعيار الأساسي لل Federal Reserve Board بالنسبة للسياسة النقدية هي نسبة البطالة في أميركا.

إن المفاهيم والطرق التي تعمل بها المصارف المركزية على تبدل.

صحيح بأن المصرف المركزي باقٍ على إلتزامه بتأمين إستقرار سعر صرف الليرة كما وتأمين الإستقرار التسليفي، وسلامة القطاع المصرفي، التي تشكل أساس مهماته، غير أن كافة ما حققناه لا يتبلور الا بمساهمة كلا القطاع المصرفي ومصرف لبنان بالنمو ا الإقتصادي للبلد".

أضاف: "الوضع متين وأنتم تشهدون ما يجري في محيطنا البحر المتوسطي وفي العالم العربي.

لبنان من الدول القليلة الباقية على قدرتها بتأمين تمويلها بقدراتها الذاتية ونحن نتمسك بجد بهذا الأمر وإننا على ثقة بأنه، خلال العام 2014، سوف يكون لدينا القدرات المستلزمة للمحافظة على الإستقرار التمويلي والإستقرار باسعار الفوائد والعملة.

إن إقتصاد المعرفة موضوع أساسي وقطاع أساسي للمستقبل بحيث يجعل لدينا في لبنان شركات جديدة تنشأ، تؤمن فرص عمل، وتوفر لبلدنا قدرة تنافسية تساعدنا للتغلب على كل الأرقام السلبية لا سيما في نسب الدين على الناتج المحلي أو بالعجز في القطاع العام".

وتابع: "نلتزم، كبنك مركزي، هذا الموضوع، ونأمل إيلاءه الأهمية اللازمة من القطاع المصرفي. لقد قمنا، من خلال التعميم الذي أصدرناه، بعدة مبادرات تنظم تعاطينا مع القطاع المصرفي لتأمين الإرتياح المستلزم.

ستكفل هندسات مالية لمصرف لبنان 75% من الإستثمارات التي تقوم بها المصارف في صناديق الإستثمار أو مع شركات لها علاقة بإقتصاد المعرفة.

إن المطلوب هو أن تكون هذه الشركات لبنانية وتعمل في لبنان لأن هدفنا تعزيز وضعنا الإقتصادي وخلق فرص عمل.

نأمل أن يكون هذا اليوم بداية إطلاق لمشروع بارز الأهمية لجميع الفرقاء، إن للقطاع المصرفي الذي أصبح لديه قطاع آخر يستثمر به، وإن لمصرف لبنان بإتاحته فرصة تحقيق أهداف لها علاقة بتطلعاته المستقبلية للإقتصاد اللبناني وأيضا لكافة الرواد من خلال قيامهم شركات ومؤسسات".

وختم: "نأمل أن يكون لدينا بورصة مخصصة لتلك المواضيع تتيح إمكان إدراج أسهم هذه الشركات إذا أصبحت بالمستوى المطلوب ونحن بصدد العمل على ذلك".

وقال باسيل في كلمته: "تعلمون أن القطاع المصرفي اللبناني لا يألو جهدا في تمويل الإقتصاد الوطني بقطاعيه العام والخاص. وقد أولى في السنوات الأخيرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والمبادرات الفردية الجدية والواعدة، الكثير من الإهتمام، لا سيما بالتعاون والتنسيق مع شركة "كفالات". ومما لا شك فيه أن هذا النوع من التمويل ساهم في تأسيس العديد من الشركات وإيجاد الكثير من فرص العمل، وفي الحد من هجرة اللبنانيين، وبخاصة فئة الشباب المتعلم.

أضاف: "وأخيرا، أصدر مصرف لبنان التعميم الوسيط رقم 331 الذي يسمح للمصارف والمؤسسات المالية بالمساهمة، ضمن حدود 3% من أموالها الخاصة، في رسملة مشاريع ناشئة وحاضنات أعمال وشركات مسرِعة للأعمال يكون نشاطها متمحورا حول قطاع المعرفة. والغاية التي يتوخاها البنك المركزي من هذا التعميم هي تحريك آليات تأسيس شركات جديدة واعدة، يمكن أن تتحول مستقبلا الى شركات مساهمة قابلة لإغناء الثروة الوطنية، وتوفير فرص عمل جديدة وتقوية نشاط السوق المالية.

وتابع: "إن جمعية مصارف لبنان تثني على هذا التعميم الجديد الذي يأتي في سياق مواصلة النهج المتبع من المصرف المركزي والرامي الى تفعيل طاقات السياسة النقدية لمصلحة تنشيط الحركة الاقتصادية وتعزيز النمو في البلاد. ونحن نرى في هذا التعميم حافزا إضافيا للمصارف على استمرارها في تأدية دورها الإنمائي ويشكل فرصة يمكن، بل ينبغي انتهازها في الإتجاه الصحيح.

يبقى القول إن السياسة النقدية التي يتبعها المصرف المركزي منذ عقدين باتت تحل جزئيا محل السياسة المالية والإقتصادية التي هي أصلا وقانونا من مسؤولية السلطة التنفيذية، مدعومة من السلطة التشريعية.

والقى خير الدين كلمة جاء فيها: "هي ليست صدفة ان يكون لباني إقتصاد لبنان الحديث يد في تطوير اقتصاد المعرفة وكل ما يتبع ذلك من ايجابيات، ان على صعيد الاقتصاد الوطني، او على صعيد خلق فرص عمل لجيل الشباب اللبناني الكَفؤ وبالتالي الحد من هجرة الادمغة الى الخارج، كما وجعل لبنان لاعبا منافسا على الساحة العالمية. عنيت بالطبع سعادة الحاكم الاستاذ رياض سلامة".

اضاف: "ان التعميم 331 سيساهم مساهمة فعالة في تنمية ودعم المؤسسات الناشئة، الصغيرة والمتوسطة، والتي تعمل في اقتصاد المعرفة، وذلك من خلال تأمين رساميل لهذه الشركات تستعمل لتطوير اعمالها وزيادة انتاجيتها. ان نمو هذه الشركات في المستقبل القريب سيساهم ايضا وبشكل اساسي في تطوير اسواق راس المال خصوصا بعد إقرار قانون خاص بذلك وتسليم هذه المهمة الى سعادة الحاكم".

وتابع: "ان اهمية هذه المبادرة الفريدة من نوعها في تاريخ لبنان، انها ستؤمن من المصارف ما يوازي مبلغ الخمسماية مليون دولار اميركي، لاستثمارها في اقتصاد المعرفة علما ان هذا المبلغ يفوق بأكثر من ثلاثين ضعفا قيمة الاستثمار الحالي في هذا القطاع".

واردف: "بناء على ما تقدم، ومن اجل التأكد من ان آلية تطبيق هذا التعميم في المصارف سوف تتم بشكل فعال وسريع، ومن اجل تحديد الهيكلية المؤسساتية الفضلى لمتابعة حسن سير هذه الاستثمارات كما وتحديد خيارات الاستثمار للمستقبل، قام بنك الموارد بدراسة لعدد من الشركات الناشئة، كما وحضور ندوات تهدف لانشاء صناديق استثمار في حقل اقتصاد المعرفة، بهدف ايجاد فرص استثمار وفقا لاحكام التعميم 331، وقع اختيارنا على شركة Presella ليصبح طلب الاستثمار في راسمال هذه الشركة الذي تقدم به بنك الموارد لمصرف لبنان اول تجربة يقوم بها مصرف تجاري في مجال الاستثمار في شركة ناشئة".

وقال: "تقوم Presella بالتسويق، عبر الانترنت، للنشاطات الاجتماعية والترفيهية من حفلات موسيقية، ومباراة رياضية، ونشاطات ثقافية وغيرها كما تقوم ايضا ببيع البطاقات والتذاكر لهذه النشاطات. ان اختيارنا لشركة Presella كان مبنيا على دراسة التدفق النقدي المستقبلي وعلى اعجابنا بفريق العمل الديناميكي الذي قام بانشاء هذه الشركة في ايلول 2012، والذي استطاع خلال الاشهر الثلاثة من بدء العمل الدؤوب استقطاب ما يزيد عن مئة وعشرين حدثا وبيع اكثر من عشرة الاف تذكرة دخول".

وتحدث عن الخبرات التي اكتسبت نتيجة هذا المشروع؟ فقال: "عند دراسة الحسابات المالية لشركة Presella قررنا اشراك بعض افراد دائرة التسليف التجاري للمساعدة في اتخاذ القرار المناسب لجهة المشاركة او عدمها. كان جليا وواضحا ان قرار الاستثمار لا يمكن ان يتخذ باعتماد اسس التسليف التجاري التي تعتمد على الضمانات، وعلى التدفقات النقدية لسداد الدين، حيث ان ثقافة التسليف مختلفة تماما عن ثقافة المساهمة في شركات ناشئة ذات مخاطر استثمار عالية. لذلك قررت ادارة بنك الموارد انشاء دائرة متخصصة للنظر في الاستثمارات المستقبلية التي ينوي بنك الموارد المساهمة فيها، ان كانت استثمارات مباشرة في شركات ناشئة او المساهمة في صناديق استثمار مخصصة لهذه الغاية".

وختم: "نرجو ونأمل ان تحذو باقي المصارف حذونا، بل ونشجعها على ذلك، لما في ذلك من انعكاسات ايجابية على اقتصاد لبنان متوجها بالشكر لجميع من ساهم في تحقيق هذا الانجاز الوطني بامتياز، وعلى رأسهم سعادة الحاكم ريا ض سلامة وفريق العمل في مصرف لبنان". 

صحناوي

وكانت كلمة لصحناوي أوضح فيها أنه عمل "في العامين الفائتين على تحديث البنى التحتية في قطاع الاتصالات بما يتيح إطلاق عجلة الاقتصاد الرقمي". وقال: "لقد حققنا نجاحا لافتا، وصنف الاتحاد الدولي للاتصالات لبنان الاكثر دينامية في العالم على مستوى قطاع الاتصالات والمعلوماتية".

وأعلن عن ثلاث مبادرات في القطاع الرقمي هي:

"أولا: Beirut Angels وهي مجموعة من المستثمرين في الشركات الناشئة، أمنت الى الان تمويلا لثلاث شركات ناشئة هي "اتعرف" وeTobb وPresella. وهذه المجموعة من المستثمرين هي الاولى من نوعها في لبنان.

ثانيا: انشاء نوع من مصنع للشركات الناشئة، فالقرار 331 الصادر عن مصرف لبنان، أتاح توفير 400 مليون دولار جاهزة للاستثمار في الشركات الناشئة اللبنانية. ومن اجل تسهيل هذا النوع من الشركات ستطلق آلت سيتي altcity هذا المصنع في الربع الاول من السنة 2014، بحيث من المتوقع ان تنتج في السنوات الثلاث المقبلة 300 شركة ناشئة تستطيع ان تستفيد من الفرصة النادرة التي وفرها قرار مصرف لبنان.

ثالثا: إطلاق مسوق للشركات الناشئة، اذ بفضل القرار 331 وبالتعاون مع مصرف لبنان ولجنة خارطة الطريق الى الاقتصاد الرقمي تتحضر سيكوانس Seeqnce لإطلاق هذا المسوق الذي ترتكز مهمته على تسويق الشركات الناشئة اللبنانية عبر العالم، في المعارض والمؤتمرات والمجموعات الاستثمارية العالمية".

يعتمد الإقتصاد التقليدي في عملية الإنتاج على عنصرين أساسيين، هما الموردان المادي والبشري. ولكن الإقتصاد الحديث، يثبت أن "إقتصادات المعرفة" القائمة على توافر تكنولوجيا المعلومات والإتصال، واستخدام الإبتكار والأرقام في عالم الأعمال، هي المحرك الرئيسي للنمو الإقتصادي، والمسؤول الأول عن تطور الدول وتقدمها.

عالمياً، شهدت العديد من الدول تحولات جذرية في مجال عالم الأعمال والأرقام، وباتت المعرفة ضرورة في مواكبة التطورات العصرية. لبنانياً، أصبح لافتاً إهتمام أصحاب الشأن الإقتصادي، بخلق فرص تسهم في قيام بعض المشاريع التكنولوجية، على اعتبار أن البنية التحتية في لبنان أصبحت مهيأة لاحتضان الإقتصاد الرقمي. وفي هذا الإطار، كانت مبادرة مصرف لبنان، بإصدار التعميم الرقم 331، الذي يسمح للمصارف والمؤسسات المالية، بالمساهمة ضمن حدود 3 في المئة من أموالها الخاصة، في رسملة مشاريع ناشئة، وحاضنات أعمال، وشركات مسرّعة للأعمال، يكون نشاطها متمحوراً حول قطاع المعرفة.

إنطلقت فكرة المشروع عبر وزارة الإتصالات، في عهد الوزير نقولا صحناوي، في العام 2013، والغاية منها كانت الحد من هجرة الشباب اللبناني وتشجيعهم على الإستثمار داخل لبنان، من خلال خلق فرص عمل جديدة، وخلق مساحة تمكّن الرواد من الإبداع والإبتكار في مجال الأعمال. ونظراً لأهمية هذا المشروع، وانعكاساته الإيجابية المتعددة، فقد حلّ موضوعاً بارزاً في الجلسة الختامية لفعاليات مؤتمر "عرب نت" 2015، بإصداره السادس، والذي عقد على مدى يومين في بيروت.

تناول المشاركون في المؤتمر قضايا ذات صلة بالتجارة الإلكترونية والإعلام الرقمي والإبتكار، وتأثير المنصات الرقمية في القطاعات الإقتصادية وخدمة العملاء والتسويق وتركيب الخدمات والسلع الجديدة، بحضور أكثر من 700 محترف ورائد أعمال في المجال الرقمي.

 وأعلن نائب حاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين، في سياق الحديث عن التعميم الرقم 331، عن ضمان الإستثمارات المخصصة لإنشاء شركات لبرامج تسريع النمو بنسبة 100 في المئة، كخطوة متقدمة لدعم وتمكين رواد الأعمال، مشيراً الى أن ما يشهده العالم العربي اليوم هو "إشراقة النهضة الرقمية العربية".

وقد توقعت المديرة التنفيذية لدى حاكمية مصرف لبنان ماريان حويك، أن يساهم مبلغ الـ 400 مليون دولار، الذي خصصه مصرف لبنان لدعم الإستثمارات في الشركات التكنولوجية الناشئة في لبنان، من خلال التعميم ذاته، "بنسبة واحد في المئة كبداية من إجمالي الناتج المحلي". وبما أن العالم اليوم تحكمه التكنولوجيا، كانت مبادرة مصرف لبنان، التي تقوم وفق حويك، "على إستثمار المصارف كشريكة في شركات تكنولوجية ناشئة، فيما يوفر مصرف لبنان الضمان لـ 75 في المئة من هذا الإستثمار"، مشيرة الى أن "الإستفادة من الـ 400 مليون دولار محصورة فقط بالشركات والصناديق الإستثمارية اللبنانية، الموجودة في لبنان".

مبادرة مصرف لبنان، لا تزال جديدة بالنسبة الى المصارف الموجودة في لبنان، لاسيما أن القطاع المصرفي اللبناني، ونتيجة للأحداث التي شهدها لبنان خلال الحرب الأهلية، تحول عن التخصص في تقديم الخدمات التي يحتاجها المحيط، من سلع وخدمات، وفق ما رآه الخبير الإقتصادي غالب أبو مصلح في حديث لـ "المدن"، مشيراً الى وجود العديد من شركات المعلوماتية في لبنان، لكنها لم تتمكن من الإنتشار والتوسع في المنطقة، على عكس فروع الشركات الأجنبية الموجودة أصلاً. وعليه، فإن مساهمة هذه الشركات ستكون ضئيلة في خلق فرص عمل جديدة.  

شكلياً، يُعد البحث عن آليات ووسائل مستحدثة في إستثمار وإدارة الموارد البشرية والمادية والمعلوماتية، أمراً مهماً، ولكن ما يفوقه أهمية، هو تنفيذ تلك الآليات على أرض الواقع. فعلياً، "التعميم 331" صدر عن مصرف لبنان منذ ما يقارب العام، ومع ذلك، لم نشهد حتى الآن أي تطور في مجال الإستثمار المعلوماتي والتكنولوجي في لبنان. 


إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم