
وبمراجعة بسيطة الى عدد المشاريع التي احيلت بعد عام 2003 والتي لم تنفذ منها الا نسبة ضئيلة او التي لم تنفذ نهائيا ، لوجدناها بعشرات الاف والتي تقدر مبالغها بعشرات المليارات من العملة الصعبة، والمؤسسات الرقابية تؤكد هذه المعلومات والاسباب كثيرة ومنها الاسلوب المعتمد في استدراج المتنافسين عن طريق المناقصات لتنفيذ تلك المشاريع .
في اكثر من مناسبة حاولت الدولة العراقية ان تبحث عن وسائل جديدة لعلها تساهم في تحريك المناخ الاقتصادي ، ففي عام 2006 اصدرت قانون للاستثمار الوطني والاجنبي وروجت له داخليا وخارجيا، لكن النتيجة وبتقييم بسيط ان عدد المشاريع المحالة وفق هذا القانون والمنفذة منها او التي هي في طور التنفيذ لا تتعدى العشرات على مستوى العراق ، الامر شكل صدمة مضافة الى الحالة التي يعاني قطاع الاستثمار .
على اثر انهيار اسعار النفط العالمية وظهور ازمة مالية خانقة وانخفاض احتياطي العملة الصعبة بعد عام 2014 حاولت حكومة العراقية الاعتماد على اسلوب جديد لتنفيذ المشاريع الاستثمارية الا وهو التعاقد بالأجل ، لكنها فشلت في اقناع مجلس النواب بهذا الاسلوب . مزايا وعيوب التعاقد بالآجل :
التعاقد بالآجل اسلوب اقتصادي جديد لايزال في بدايته المتواضعة او على الاقل غير معروف في العراق ، لكن عند النظر الى تفاصيله نجده يوفر عدد من المزايا والخصائص الايجابية التي يمكن ان تشكل نقطة تحول جذرية في طريقة تنفيذ المشاريع الاستثمارية في العراق مستقبلا بالقياس الى الاساليب التقليدية التي درجت على اتباعها الدولة العراقية ، شرط ان يتم توفر الغطاء القانوني الصارم والخالي من الثغرات ، لكن في المقابل يمكن تشخيص بعض العيوب التي يمكن تلافيها من خلال القانون الذي سينضم هذا الاسلوب من التعاقد .
اولا : من مزايا التعاقد بالآجل انه يجلب الشركات المتمكنة والرصينة ماليا او التي تدعمها مؤسسات مالية عالمية والتي تكون قادرة على تنفيذ المشاريع الاستراتيجية وبالمقابل يساهم على استبعاد الشركات الضعيفة والغير قادرة على المنافسة بمثل هكذا اسلوب .
ثانيا : من المزايا اسلوب التعاقد بالآجل ان حتمية تنفيذ المشاريع سترتفع الى نسبة عالية جدا وقد تصل الى نسبة 100% الامر الذي سينعكس ايجابيا على الواقع الاستثماري في العراق .
ثالثا : من المزايا الايجابية للتعاقد بالآجل انه يمكن ان يسرع في تنفيذ المشاريع التي يحتاجها العراق ، ذلك لان الشركات ستحاول جاهدة الى استثمار عامل الوقت لضمان تقليل الخسائر.
رابعا : التعاقد بالآجل سيكبح منظومة الفساد بصورة كبيرة وسيقلل من الحلقات البيروقراطية وسيدفع المؤسسات المستفيدة من العقود المبرمة بهذا الاسلوب نحو تسهيل الاجراءات .
خامسا : التعاقد بالآجل سيجلب التكنولوجيا المتطورة الى الداخل العراقي ويمكن ان يساهم في تأهيل الشركات العراقية ورفع كفاءة الايدي العاملة .
يمكن البحث عن العديد من المزايا التي يحتويها اسلوب التعاقد بالآجل ، لكن في المقابل ان هذا الاسلوب لا يخلو من العيوب التي يمكن تساهم في تقليل من القيمة المنشودة لهذا الاسلوب .
العيوب :
اولا : من العيوب المحتملة للتعاقد بالآجل يمكن ان يرفع تكاليف المشاريع بنسب قد تكون مبالغ فيها ، الامر الذي قد يدفع الحكومة والمؤسسات الى العزوف وعدم احالة المشاريع بهذا الاسلوب .
ثانيا : من العيوب المحتملة للتعاقد بالآجل يمكن ان يرفع قيمتها من عقود اعتيادية الى درجة الديون السيادية ، الامر الذي قد يضيف عبء مالي على الدولة .
ثالثا : من العيوب المرافقة للتعاقد بالآجل انه يفرض نسبة فائدة عالية على قيمة العقود وبالتالي يمكن ان تشكل تلك الفوائد اعباء مالية مضافة على موازنة الدولة .
رابعا : يمكن ان تضيق دائرة المنافسة بين الشركات وبالتالي سينعكس ذلك على اجمالي قيمة المشاريع الاستثمارية .
مقترحات لتسهيل اجراءات التعاقد بالآجل :
لضمان ان يتم استخدام اسلوب التعاقد بالآجل بالشكل السليم ولضمان سد الثغرات والعيوب المحتملة نقترح الاجراءات الاتية :
اولا : الاستعانة بعدد من الخبراء من اجل رسم الية متكاملة تحيط بكل تفاصيل عملية التعاقد بالآجل من خلال تقديم المقترحات او الاستفادة من تجارب الدول الاخرى .
ثانيا : سن تشريع قانون اما بصيغة تعليمات تصدرها وزارة التخطيط مشابه لتعليمات العقود النافذة او اصدار نظام من قبل مجلس الوزراء يتم استيعاب كافة التفاصيل الخاصة بالتعاقد بالآجل .
ثالثا : نقترح استحداث صندوق سيادي وطني يسمى ( صندوق الاستثمار الوطني ) لاستيعاب الاموال المخصصة للميزانية الاستثمارية وفصلها عن تقلبات الموازنة السنوية ، الامر الذي سنضمن من خلال هذا الصندوق استقرار مستدام في مجال تنفيذ المشاريع الاستثمارية وبالتالي ستتمكن الحكومة من تنفيذ خططها بالتعاقد بالآجل بكل اطمئنان .
رابعا : نقترح فرض ( ضريبية تحويلية ) مباشرة يتم استقطاعها من الشرائح التي اثرت او التي تراكمت لديها الاموال خلال السنوات الماضية وعلى سبيل المثال لا الحصر : شركات التحويل المالي ، شركات الصيرفة ، قطاع المصارف ، شركات استيراد السيارات والمعدات .. على ان تودع المبالغ التي يتم جمعها في صندوق الاستثمار الوطني .
خامسا : نقترح تشكيل لجنة مركزية تسمى ( لجنة التعاقد بالآجل ) ترتبط بمجلس الوزراء واجبها تصنيف المشاريع الاستثمارية وعلى المستوى الوطني التي يراد تنفيذها، بالمقابل تقوم هذه اللجنة باستدراج افضل العروض والشركات والمؤسسات المالية التي لديها الرغبة والقدرة على تنفيذ هذه المشاريع .
نائب عراقي سابق
https://www.azzaman.com/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d9%82%d8%af-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%a2%d8%ac%d9%84-%d8%ad%d9%84-%d9%84%d9%85%d8%b4%d9%83%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%b2%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84/