هل يحق لـ جنوب أفريقيا اقامة دعوى ضد اسرائيل امام محكمة العدل الدولية؟
حسين الفلوجي*
وفقا لقواعد القانون الدولي الراسخة، يحق لاي دولة ذات سيادة، إقامة دعوى أمام محكمة العدل الدولية. لما تتمتع به المحكمة من ولاية قضائية عالمية، وهي ولاية منحت لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك جنوب إفريقيا وإسرائيل.
لذلك، يحق لدولة جنوب إفريقيا بالمطلق تحريك الدعوى أمام محكمة العدل الدولية بموجب المادة 34/1 من نظام المحكمة الأساسي، والتي تنص على أن "يجوز لكل دولة عضو أن تكون طرفاً في نزاع أمام المحكمة".
وتدعي جنوب إفريقيا أن إسرائيل قد انتهكت اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وهي معاهدة دولية دخلت حيز التنفيذ في عام 1951. حيث تنص المادة 2 من الاتفاقية بما يلي: "في هذه الاتفاقية، تعني الإبادة الجماعية أياً من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية".
( أ ) قتل أعضاء من الجماعة.
(ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
( ج) إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
الجدير بالملاحظة: ان انعقاد جلسات محكمة العدل الدولية مرهون بالقبول الدعوى شكلا وموضوعا، بعدها تبدأ جلسات استماع والنظر في الأدلة من كلا الطرفين. الى ان تصدر المحكمة حكمها بشأن ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت اتفاقية الإبادة الجماعية.
ما الأسباب والحجج القانونية التي استندت عليها جنوب افريقيا في دعوتها ضد اسرائيل...
تستند جنوب إفريقيا في دعوتها ضد إسرائيل والمقامة امام محكمة العدل الدولية إلى أربع أدلة رئيسية:
- الدليل الأول: قيام إسرائيل بأعمال عسكرية في قطاع غزة أدت إلى مقتل مئات المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك النساء والأطفال. وأن هذه الهجمات كانت موجهة عمداً ضد المدنيين العزل، وأنها تهدف إلى إبادة الفلسطينيين كمجموعة عرقية.
- الدليل الثاني: يؤكد على أن إسرائيل قد فرضت حصاراً على قطاع غزة منذ عام 2007، الامر الذي أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع. وتدعي جنوب إفريقيا أن هذا الحصار يهدف إلى اضطهاد الفلسطينيين ودفعهم إلى النزوح وإيجاد وطن بديل.
- الدليل الثالث: ممارسة إسرائيل شتى أنواع التمييز ضد المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتدعي جنوب إفريقيا أن هذا التمييز يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وأن إسرائيل تسعى من خلاله إلى إبادة الفلسطينيين كمجموعة عرقية.
- الدليل الرابع: يستند إلى حقيقة أن إسرائيل قد احتلت الضفة الغربية وغزة منذ عام 1967. وأن إسرائيل تسعى إلى توحيد الأراضي المحتلة وإقامة دولة يهودية خالصة. وهذا يعني، أن إسرائيل تسعى إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم.
تؤكد جنوب إفريقيا، أن هذه الأدلة تثبت أن إسرائيل قد ارتكبت أفعال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين. وتطالب المحكمة بإصدار حكم يلزم إسرائيل بوقف تلك الأفعال وتقديم تعويضات للمتضررين.
ومن المتوقع أن تثير الدعوى ردود فعل قوية من قبل إسرائيل والدول الداعمة لها. وقد تحاول إسرائيل منع المحكمة من النظر في الدعوى من خلال تقديم طلب استبعاد على أساس أن الدعوى لا تستند إلى أساس قانوني.
ختاما: إذا قبلت المحكمة الدعوى، فستكون سابقة مهمة في تاريخ فض النزاعات وفق قواعد القانون الدولي. وستكون المرة الأولى التي ترفع فيها دولة دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد دولة أخرى بتهمة ارتكاب إبادة جماعية...
*سياسي عراقي مستقل
تم نشر المقالة في صحيفة الزمان : اضغط هنا